إستمرار تدهور أوضاع السجناء مع حلول موسم البرد: زنزانات بلا تهوية، وحرمان من الملابس الشتوية والماء الساخن
يعبر مركز البحرين لحقوق لانسان عن قلقه إزاء استمرار تدهور أوضاع السجناء في السجون البحرينية المكتظة خاصة مع دخول فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة.
فقد أفاد عدد من أهالي الموقوفين في السجن الإحتياطي (الحوض الجاف) والمحكومين في السجن المركزي (جو) أن إدارتا السجنين منعتهم من إدخال الملابس الشتوية لأبنائهم المحتجزين، وكذلك منعتهم من إدخال أغطية ثقيلة للنوم، رغم المحاولات المتكررة، ومن بينهم عائلة الممرض ابراهيم الدمستاني التي منعتها إدارة السجن من إدخال ملابس شتوية له كما منعت إدخال دواء العلاج من الديسك الخاص به.
وحسب المعلومات الواردة فإن ادارة السجون لاتوفر أجهزة تدفئة في الزنازين رغم مطالبة المساجين المتكررة بذلك، ويُسمح للسجناء بأغطية خفيفة للنوم لا توفر لهم الدفء المطلوب. وفيما يخص مياه الإستحمام، فإن عدد سخانات المياه المتوفر وهو 3 فقط في سجن الحوض الجاف لا يفي بالعدد الهائل من السجناء، مما يضطر أغلبهم للإستحمام بمياه شديدة البرودة. يُشار إلى أن كلا السجنين يقع على مقربة من البحر مما يضاعف من درجات البرودة.
يُضاف إلى ذلك، سوء الوضع الصحي لأماكن الإحتجاز في ظل اكتظاظ السجن مما يجعل السجناء عرضة سهلة للإصابة بأمراض البرد.
تشير الإحصائيات إلى حوالي 3000 معتقل وبما يفوق القدرة الإستيعابية للسجون، ففي عنبر رقم 3 في سجن الحوض الجاف عشر زنزانات تتسع كل منها لـ 12 سرير، لكن في الواقع فإن ستة سجناء إضافين يجبرون على النوم على الأرض بسبب اكتظاظ الزنازين. في بعض الزنازين لا يوجد نوافذ للتهوية على الإطلاق.
وردت كذلك شكاوي مماثلة عن تردي الوضع الصحي وسوء التهوية في سجن النساء في مدينة عيسى، حيث أفادت الناشطة المعتقلة زينب الخواجة أن السجينات يضطررن إلى إبقاء مكيفات الهواء مفتوحة رغم برودة الجو، وذلك بسبب نتانة الهواء.
وفي حين يجد السجناء أنفسهم في بيئة حاضنة وناقلة للمرض، يضاعف من معاناتهم عدم توفر الرعاية الصحية المطلوبة، فعدد الاطباء والممرضين في عيادة السجن لا تتناسب مع الأعداد الهائلة من السجناء، ولا يتم تقديم الدواء في مواعيده الخاصة بكل مريض، كما لا يُسمح للسجين بقراءة التعليمات المرفقة مع الدواء الذي يتناوله مما يدفع بعضهم لرفض تناول الدواء.
في 19 ديسمبر 2013 قال والد المعتقل في الحوض الجاف سجاد العلوي أن ابنه عانى من وعكة برد نتيجة لكون الزنزانة بلا نافذة، وأن مروحة تجديد الهواء تالفة.[1] واشتكى من تكرار رفض إدارة السجن إدخال ملابس بديلة لإبنه لأكثر من شهر رغم إخراج الملابس القديمة.[2] ولم يتمكن سجاد العلوي من حضور جلسة محاكمته في 23 ديسمبر 2013 نتيجة مرضه.
وفي يناير 2014 تم تأخير المعتقل صلاح الخواجة عن موعد الزيارة في سجن جو لمدة أكثر من ساعة بسبب طلبه السماح بإرتداء الجوارب والحذاء خلال الزيارة تفادياً للبرد، في ظل كونه مريضاً مصاباً بالسكلر وقد يؤدي تعرضه للبرد لتدهور في صحته. ولم يتم له السماح بالزيارة إلا بعد الاكتفاء بإرتداء الصندل وبدون أي سترة ثقيلة.
ولا يقتصر إهمال أخذ الاحتياطات ضد البرد داخل السجون، بل يسري ذلك على تنقلات السجناء خارج السجن. فقد شوهد المعتقل الكفيف علي سعد في ملابس صيفية خفيفة في مجمع السلمانية الطبي، في وقت تدنت فيه درجات الحرارة في البحرين إلى أقل من 18 درجة مئوية.
ومما يضاعف من متاعب أهالي السجناء، إضطرارهم للإنتظار لساعات طويلة في طابور أمام غرفة في خارج مبنى السجن وفي غياب التظليل لأخذ مواعيد الزيارة. وفي حين كانت الزيارة أسبوعية أصبحت المدة تتجاوز 11 يوماً بين الزيارة والأخرى ويحدث أحياناً أن تُلغى الزيارة دون سابق إنذار، وذكرت عدة عائلات أنه يتم تفتيشهم بطريقة مهينة قبل بدء الزيارة، ولا يسمح لهم بالتواصل مع ذويهم المعتقلين إلا من خلال حاجز زجاجي لا يمكن دائماً السماع من خلاله. وأثناء المكالمات الهاتفية من السجناء إلى أهاليهم، يتم مراقبة المكالمة عن كثب حيث يستطيع الأهل سماع الشتائم من حراس السجن كلما تضمن الحديث ما يمس الوضع السياسي.
وفي 26 ديسمبر 2013 أعلنت وزارة الداخلية عن وفاة أحد المحبوسين احتياطيا نتيجة وعكة صحية.[4] وفي ظل غياب التحقيق المستقل في مثل هذه الحوادث وغياب الرقابة المستقلة على مراكز الحجز فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يحمل وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة عن حوادث الوفاة أو أية أعتلالات في الصحة يتعرض لها السجناء والموقوفين.
وإذ يؤكد مركز البحرين لحقوق الإنسان على أهمية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأشخاص الذين يتعرضون للاحتجاز أوالسجن، ولا سيما أن "يعامل جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الإنسان الفطرية"، فإنه يحث الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة للضغط على حكومة البحرين لضمان حقوق المعتقلين والسجناء لا سيما الأطفال، بما في ذلك:
- تحسين ظروف العيش اليومية كما جاء في المادة (60) من "القواعد النموذجية الدنيا" كما يلي: "إن نظام المؤسسة يجب أن يسعى لتقليل أية فروقات بين حياة السجن والحياة في الحرية و التي تميل إلى التقليل من مسؤولية السجناء أو من احترامهم المرتبط بكرامتهم كبشر. المادة (10) تنص على أن: "جميع الأماكن المخصصة لإقامة السجناء وخاصة حجرات النوم، يجب أن تفي بجميع المتطلبات الصحية خاصة من ناحية حجم الهواء, والمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين، والإضاءة والتدفئة والتهوية. "
- تقديم معدات الاستحمام الكافية للسجناء فيما يتعلق بدرجة الحرارة على النحو المنصوص عليه في المادة (13): "يجب توفير منشآت الاستحمام الملائمة حتى يتم تمكين كل سجين من الاستحمام أو الاغتسال، بدرجة حرارة تتلائم مع الطقس و بالقدر الذي تتطلبه احتياجات الصحة العامة بحسب الفصل والمنطقة الجغرافية، ولكن على الأقل مرة في الأسبوع في مناخ معتدل".
- السماح للسجناء بالملابس الملائمة للطقس خاصة خلال الطقس البارد كما في المادة (17) و التي تنص على ما يلي: "إن كل سجين لا يسمح له بارتداء ملابسه الخاصة يجب إعطائه ملابس مناسبة للمناخ وكافية للمحافظة عليه في صحة جيدة. و هذه الملابس يجب أن لا تكون بأي شكل من الأشكال مما يحط من شأنه أو يتسبب في إذلاله".
- تقدم الرعاية الطبية الضرورية للسجناء المرضى والجرحى على النحو المنصوص عليه في المادة (22): "يجب نقل السجناء المرضى ممن يحتاجون الى عناية خاصة إلى مؤسسات متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية. حيث يتم توفير خدمات المستشفى في المؤسسة، من المعدات، المفروشات واللوازم الصيدلية المناسبة لتقديم الرعاية الطبية والعلاج للسجناء المرضى، كما يجب توفير طاقم من الموظفين المدربين". 9
- ضمان حقوق السجين فيما يتعلق بالاتصال مع العالم الخارجي من حيث التواصل مع عائلته وأصدقائه، على النحو المنصوص عليه في المادة (37)من: "القواعد النموذجية الدنيا". وفقا للمادة (39) "يجب إعلام السجناء و بانتظام بجميع الأخبار و المستجدات الهامة عن طريق قراءة الصحف والدوريات أو منشورات مؤسسية خاصة، عن طريق الاستماع إلى الإرسال اللاسلكي، و المحاضرات أو بأي وسيلة مماثلة بحسب ماتسمح به الادارة"، ومع تطور وسائل الاعلام فإنه يمكن توفير ذلك عن طريق محطات الإذاعة والتلفزيون أيضا.
- يجب على البحرين التوقيع على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، والذي ينص على أنه سيكون هناك لجنة دائمة لزيارة السجون والتي يمكن أن تكون زيارات مفاجئة. هذا من شأنه أن يكون خطوة عملية إلى الأمام تثبت جدية نوايا السلطات لتحسين أوضاع السجون.
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن توصيات مركز البحرين لحقوق الإنسان في ما يخص وضع السجناء في البحرين لا تعني بأي طريقة تهميش أو إلغاء التوصية الرئيسية وهي الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين.